يوم عاد زين الدين زيدان إلى الإدارة الفنية لريال مدريد في مارس 2019، كان صريحاً بإعلانه أن استعادة لقب الدوري الإسباني هو “أولوية” الموسم الآتي، وها هو يفي بوعده بعد قرابة 16 شهراً..
لقب هو الثاني في الدوري لريال مدريد في السنوات الثمانية الأخيرة، والمفارقة أنهما كانا مع المدرب ذاته: زيدان الذي حقق مع الملكي لقبه الحادي عشر في مختلف المسابقات.
بعد فترة أولى على رأس الطاقم التدريبي لنادي العاصمة بين يناير 2016 وماي 2018، حقق خلالها إنجازاً تاريخياً بثلاثة ألقاب متتالية في دوري أبطال أوروبا، فاجأ “زيزو” عالم كرة القدم بإعلانه الرحيل عن النادي.
قال يومها “حان الوقت للمضي قدماً نحو تحد جديد”، متابعاً “لا أرى أني سأواصل الفوز السنة المقبلة، وأنا شخص فائز ولا أحب أن أخسر أعتقد أنه الوقت (المناسب) بالنسبة للجميع، لي، للفريق”.
وأضاف “اتخذت قراراُ بعدم البقاء الموسم المقبل بعد ثلاثة أعوام، أحتاج إلى مسار مختلف، إلى طريقة أخرى للعمل”.
بدا الأمر غريباً بعدما قاد ريال مدريد في موسمين ونصف إلى تسعة ألقاب بينها دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات توالياً، والدوري الإسباني، وكأس العالم للأندية مرتين.
بعدها، بدا ريال مدريد تائها من دونه.
تعاقدت إدارة النادي برئاسة فلورنتينو بيريز مع جولين لوبيتغي الذي لم يصمد أكثر من ثلاثة أشهر، فيما اكتفى خلفه سانتياغو سولاري بأربعة أشهر، ليعود زيدان في مهمة المنقذ بعد قرابة عشرة أشهر من رحيله.
عند العودة، كان الهدف واضحاً “الموسم المقبل، الفوز بـ الليغا سيكون الأولوية. لا يمكنني القول أننا سنفوز، لكننا سنقاتل حتى الرمق الأخير”.
ردد ذلك مع كل من تحدث معه، أكان لاعباً أو صحافياً أو إداريا، حتى خلال الفترة التحضيرية للموسم في جولة الولايات المتحدة وكندا.
ورغم أن الدولي الفرنسي السابق فاز بلقب الدوري المحلي في تجربته الأولى مع قطب العاصمة الإسبانية، لكنه كسب رهان العودة، بكسر سيطرة الغريم برشلونة (8 ألقاب في آخر 11 عاماً).
ورغم فوزه بلقب دوري أبطال أوروبا 2018 على حساب ليفربول، إلا أن زيدان اعتبر أن إنهاء الدوري المحلي في المركز الثالث بفارق 17 نقطة عن برشلونة، كان فشلاً، وشكل حافزاً للثأر في موسمه الأول الكامل بعد العودة.
ويعود الفضل بفوز “لوس بلانكوس” بلقب الليغا لمعرفة زيدان بقوة فريقه ولاعتماده على تشكيلة متجانسة.
لم يلمع بريق النجوم أسوة بالفترة الأولى التي أمضاها زيدان كلاعب بالقميص الأبيض، لكنه نجح في أن يضمن تقديم لاعبيه المستوى والذهنية للمنافسة على اللقب حتى النهاية.
لكن الملكي ضرب بقوة بعد العودة، وحقق عشرة انتصارات في عشر مباريات، على رغم أنها لم تكن كلها بأداء مقنع أو نتائج كبيرة.
وحتى خلال الفترة الأولى الزاخرة بالألقاب، لم يسلم زيدان من انتقادات المعلقين الذين اعتبر بعضهم أنه لم يكن ناجحاً على الصعيد التكتيكي، بل قائداً جيداً لمجموعة نجوم.
وأقر قبل نهائي دوري الأبطال في كييف 2018 “لست أفضل مدرب على الصعيد التكتيكي، إلا أن لدي أموراً أخرى أعرف غرفة تبديل الملابس بشكل جيد جداً وأعرف كيف يفكر اللاعبون، وهذا مهم بالنسبة لي”.
لكن زيدان (48 عاماً)، الفائز بدوري الأبطال مع الـ “الميرينغي” كلاعب عام 2002 عندما سجل هدفه “على الطاير” في مرمى باير ليفركوزن (2-1)، بنى نتائجه هذا الموسم على تغيير جذري أحدثه في الأداء الدفاعي.
ففي موسمي زيدان الكاملين في الليغا سابقاً (2016-2017 و2017-2018)، سجل ريال 106 أهداف و99 هدفاً على التوالي، بينما تلقت شباكه 41 و44 هدفاً.
في مقابل تراجع الأداء التهديفي هذا الموسم (68 هدفاً مع تبقي مرحلة واحدة)، إلا أن شباكه استقبلت 23 هدفاً فقط، ولم يسجل أي فريق أكثر من هدفين في مرماه في مباراة واحدة.
اختصر زيدان لقب 2019-2020 بعبارة “الأفضل في مسيرتي الاحترافية”.
وتابع “أنا الشخص الأكثر سعادة هذا المساء. لا أعبر كثيراً، لكن في داخلي أنا سعيد جداً الفوز بالليغا صعب جداً، ودائماً ما كنت أقول إننا لم نفز بأي أمر بعد”.
وأضاف “لكن اليوم نعم، فزنا، ويمكنني أن أرسم أجمل ابتسامة لي”.